أي: قرّبناهم من منتصف البحر، ثم أطبقه الله عليهم حين أمر الماء أن يعود إلى سيولته وقانون استطراقه، وهكذا يُنجِّي الله ويُهلِك بالشيء الواحد و {الآخرين}[الشعراء: ٦٤] يعني: قوم فرعون، و {ثَمَّ}[الشعراء: ٦٤] أي: هناك وسط البحر.
وللعصا مع موسى عليه السلام تاريخ طويل منذ أن سأله ربه {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى}[طه: ١٧] فأخبر بما يعرفه عنها {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي}[طه: ١٨] .
وقوله {وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي}[طه: ١٨] لا تعني كما يظن البعض أنها مجرد الإشارة بها إلى الغنم أو ضربها، فأهشُّ تعني أضرب بها أوراقَ الشجر لتتساقط، فتأكلها الأغنام الصغار التي لا تطول أوراقَ الشجر، أو الكبار التي أكلتْ ما طالته أعناقها وتحتاج المزيد.
ولما وجد موسى نفسه قد أطال في هذا المقام قال {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى}[طه: ١٨] كأنْ أدافع بها عن نفسي ليلاً، إنْ تعرَّض لي كلب أو ذئب مثلاً، أو أغرسها في الأرض وأُلقي عليها بثوبي لأستظلَّ به وقت القيلولة، أو أجعلها على كتفي وأُعلِّق عليها متاعي حين أسير. . الخ.
هذه مهمة العصا كما يراها موسى عليه السلام لكن للعصا مهمة أخرى لا يعلمها، فهي حُجّته وآية من الآيات التي أعطاه الله،