للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونعلم أن الإيذاء لرسول الله صلى الله جاء بعد النبوة، وكان بعض الكفار يقولون ما حكاه القرآن على ألسنتهم: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: ٣٢]

وهذا دعاء مَنْ لا عقل له، ولو كانوا يعقلون لقالوا: إن كان هذا الحق من عندك فَاهْدنا يا رب إليه، أو اجعلنا نؤمن به. ولكنهم من فَرْط حقدهم وضلالهم، تمنَّوا العذاب على الإيمان بالحق. وهذا يكشف لنا تفاهة عقول الكفار.

وهنا يقول الحق سبحانه:

{وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبي} والذين يؤذون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هم السادة، وهم أصحاب النفوذ الذين يخافون ان يذهب منهج هذا النبي بنفوذهم؛ وثرواتهم؛ وما أخذوه ظلماً من الضعفاء. والضعفاء - كما نعلم - هم أول من دخل إلى دين الإسلام؛ لأنهم أحسوا أن هذا الدين يحميهم من بطش الأغنياء واستغلالهم ونفوذهم. وشاء الحق أن يبدل خوف الضعفاء قوة وأمناً، وشاء سبحانه أن يضم إلى الإيمان عدداً من الأغنياء؛ ومن رجال القمة مثل: أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب وغيرهم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أجمعين، حتى لا يقول أقوياء قريش مثلما قال قوم نوح لنبيهم: {وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا ... } [هود: ٢٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>