ونعلم أن الحق - سبحانه وتعالى - يخلق الخَلْق على أنحاء مُتعدّدة؛ حتى يعلمَ المخلوق أن خَلْقه لا ضرورة أن يكونَ بطريقة محددة؛ بل طلاقة القدرة أن يأتي المخلوق كما يشاء الله.
والشائع أن يُولَد الولد من أبٍ وأم؛ ذكر وأنثى. أو بدون الأمرين معاً مثل آدم عليه السلام، ثُمَّ خلق حواء من ذكر فقط، وكما خلق عيسى من أم فقط، وخلق محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من ذكرٍ وأنثى.
وفي الآية التي نحن بصددها نجد إبراهيم عليه السلام يتعجب كيف يُبشِّرونه بغلام، وهو على هذه الدرجة من الكِبَر، في قوله تعالى:
{على أَن مَّسَّنِيَ الكبر}[الحجر: ٥٤] .
يعني أن «على» هنا جاءت بمعنى «مع» أي: أنه يعيش مع الكِبَر؛ ويرى أنه من الصعب أنْ يجتمعَ الكِبَر مع القدرة على الإِنجاب.
وأقول دائما: إن كلمة (على) لها عطاءاتٌ واسعة في القرآن الكريم، فهي تترك مرة ويأتي الحق سبحانه بغيرها لتؤدي معنًى مُعيناً؛ مثل قوله تعالى:{وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل}[طه: ٧١] .