للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد أن بيِّن الحق سبحانه أن إليه مرجع كل شيء ونهاية الأمور كلها، أراد أن يُسلِّى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: {وَمَن كَفَرَ. .} [لقمان: ٢٣] أي: بعدما قلناه من الجدل بالعلم وبالهدى وبالكتاب المنير، وبعدما بيناه من ضرورة إسلام الوجه لله، مَنْ يكفر بعد ذلك {فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ. .} [لقمان: ٢٣]

وهذا القول من الله تعالى لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يدل على أن الله علم أن رسوله يحب أن تكون أمته كلها مؤمنة، وأنه يحزن لكفر من كفر منهم ويؤلمه ذلك، وقد كرر القرآن هذا المعنى في عدة مواضع، منها قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً} [الكهف: ٦] ويقول: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٣]

فالله تعالى يريد أنْ يقول لرسوله: أنا أرسلتُك للبلاغ فحسب، فإذا بلَّغْت فلا عليك بعد ذلك، وكثيراُ ما تجد في القرآن عتاباً لرسول الله في هه المسألة، وهو عتاب لصالحه لا عليه، كما تعاتب ولدك الذي أجهد نفسه في المذاكرة خوفاً عليه.

ومن ذلك قوله تعالى معاتباً نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: {عَبَسَ وتولى أَن جَآءَهُ الأعمى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يزكى} [عبس: ١ - ٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>