وفي موضع آخر يقول سبحانه:{لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النار وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ}[الزمر: ١٦] .
وهاتان الجهتان لا تأتي منهما النار في الدنيا؛ لأن النار تطبيعتها تصعد إلى أعلى، وإنْ كانت تحت القدم تنطفيء. إذن: هذا ترقٍّ في العذاب، حيث لا يقتصر على الإحاطة من جميع جهاته، إنما يأتيهم أيضاً من فوقهم ومن تحتهم.
لكن قد يتجلَّد المعذَّب للعذاب، ويتماسك حتى لا تشمت فيه، وهذا يأتيه عذاب من نوع آخر، عذاب يُهينه ويُذلُّه، ويُقال له:{ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم}[الدخان: ٤٩] لذلك وصف العذاب، بأنه: مهين، وأليم، وعظيم، وشديد.
وقوله تعالى:{وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[العنكبوت: ٥٥] لم يقل: ذوقوا النار، إنما ذوقوا ما عملتم، كأن العمل نفسه سيكون هو النار التي تحرقهم.