الله سبحانه وتعالى يذكر لنا كيف برر بنو إسرائيل عدم إيمانهم وقتلهم الأنبياء وكل ما حدث منهم. . فماذا قالوا؟ لقد قالوا {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} والغلف مأخوذ من الغلاف والتغليف. . وهناك غلْف بسكون اللام، وغلُف بضم اللام. . مثل كتاب وكتب {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} أي مغلفة وفيها من العلم ما يكفيها ويزيد، فكأنهم يقولون إننا لسنا في حاجة إلى كلام الرسل. . أو {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} أي مغلفة ومطبوع عليها. . أي أن الله طبع على قلوبهم وختم عليها حتى لا ينفذ إليها شعاع من الهداية. . ولا يخرج منها شعاع من الكفر.
إذا كان الله سبحانه وتعالى قد فعل هذا. . ألم تسألوا أنفسكم لماذا؟ ما هو السبب؟ والحق تبارك وتعالى يرد عليهم فيقول:{بَل لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} : لفظ «بل» يؤكد لنا أن كلامهم غير صحيح. . فهم ليس عندهم كفاية من العلم بحيث لا يحتاجون إلى منهج الرسل. . ولكنهم ملعونون ومطرودون من رحمة الله. . فلا تنفذ إشعاعات النور ولا الهداية إلى قلوبهم. . ولكن ذلك ليس لأن ختم عليها بلا سبب. . ولكنه جزاء على أنهم جاءهم النور والهدى. . فصدوه بالكفر أولا. . ولذلك فإنهم أصبحوا مطرودين من رحمة الله. . لأن من يصد الإيمان بالكفر يطرد من رحمة الله، ولا ينفذ إلى قلبه شعاع من أشعة الإيمان.
وهنا يجب أن نتنبه إلى أن الله سبحانه وتعالى لم يبدأهم باللعنة. وبعض الناس الذين يريدون أن يهربوا من مسئولية الكفر - علها تنجيهم من العذاب يوم القيامة - يقولون إن الله سبحانه وتعالى قال:{فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ}[فاطر: ٨]