في هذه الآية إشارة إلى طلاقة المشيئة الإلهية، فالحق سبحانه إنْ شاء يرحمنا بفضله، وإنْ شاء يُعذِّبنا بعدله؛ لأن الحق سبحانه لو عاملنا بميزان عدله ما نجا منّا أحد، ولو جلس أحدنا وأحصى ماله وما عليه لوجد نفسه لا محالةَ واقعاً تحت طائلة العقاب؛ لذلك يَحسُن بنا أن ندعوُ الله بهذا الدعاء:«اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل، وبالإحسان لا بالميزان، وبالجبر لا بالحساب» .
والحق تبارك وتعالى لا يُيئس العُصَاة من فضله، ولا يملي لهم بعدله، بل يجعلهم بين هذه وهذه ليكونوا دائماً بين الخوف والرجاء.
وحينما كان المسلمون الأوَّلون يتعرضون لشتى ألوان الإهانة والتعذيب ولا يجدون مَنْ يمنعهم من هذا التعذيب، فكانوا يذهبون إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يشكون إليه ما ينزل بهم، فرسول الله ينظر في أنحاء العالم من حوله بحثاً عن المكان المناسب الذي يلجأ إليه هؤلاء المضطهدون، ويأمرهم بالهجرة إلى الحبشة ويقول:«إن فيها ملكاً لا يُظْلَم عنده أحدٌ» .