والمقصود بقوله:{وَلاَ تَهِنُوا} أي لا تضعفوا، وهي أمر خاص بالمسألة البدنية؛ لأن الجراحات أنهكت الكثيرين في موقعة أُحُد لدرجة أن بعضهم أقعد، ولدرجة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يقدر أن يصعد الجبل، وحمله طلحة بن عبيد الله على ظهره ليقوم، لذلك قال الحق:{وَلاَ تَهِنُوا} ، لأنك عندما تستحضر أنك مؤمن وأن الله لن يخلي بينك وبين جنود الباطل لأنك نصير للحق، والحق من الله وهو الحق لا يسلم نبيه وقومه لأعدائهم فيوم تأتي لك هذه المعاني إياك أن تضعف. والضعف هو نقصان قوة البدن.
{وَلاَ تَحْزَنُوا} والحزن مواجيد قلبية، وهم قد حزنوا فقد مات منهم كثير. مات منهم خمسة وسبعون شهيداً، خمسة من المهاجرين، وسبعون من الأنصار، وهذه عملية صعبة وشاقة، وقد حزن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على الشهداء، وغضب لمقتل حمزة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وقال:«لن أُصاب بمثلك أبداً! وما وقفت موقفا قط أغيظ إلىّ من هذا» ثم قال: «لئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم مكانك» .
فقال الحق:{وَلاَ تَحْزَنُوا} ؛ لماذا؟ لأنك يجب أن تقارن الحدث بالغاية من الحدث.