قوله تعالى:{وَمِنَ الناس مَن يِقُولُ آمَنَّا بالله ... }[العنكبوت: ١٠] دليل على القول باللسان، وعدم الصبر على الابتلاء، فالقول هنا لا يؤيده العمل، ولمثل هؤلاء يقول تعالى:{ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ}[الصف: ٢] .
ويقول تعالى في صفات المنافقين:{إِذَا جَآءَكَ المنافقون قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ}[المنافقون: ١] فالله تعالى لا يُكذِّبهم في أن محمداً رسول الله، إنما في شهادتهم أنه رسول الله؛ لأن الشهادة لا بُدَّ لها أنْ يواطئ القلب اللسان، وهذه لا تتوفر لهم.
ومعنى:{فَإِذَآ أُوذِيَ فِي الله ... }[العنكبوت: ١٠] أي: بسبب الإيمان بالله، فلم يفعل شيئاً يؤذى من أجله، إلا أنه آمن {جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ الله ... }[العنكبوت: ١٠] فتنة الناس أي: تعذيبهم له علىإيمانه كعذاب الله.
إذن: خاف عذاب الناس وسَّواه بعذاب الله الذي يحيق به إنْ كفر، وهذا غباء في المساواة بين العذابين؛ لأن عذاب الناس سينتهي ولو بموت المؤذي المعذِّب، أما عذاب الله في الآخرة فباقٍ لا ينتهي، والناس تُعذَّب بمقدار طاقتها، والله سبحانه يُعذب بمقدار طاقته تعالى وقدرته، إذن: فالقياس هنا قياس خاطئ.
وإنْ كانت هذه الآية قد نزلت في عياش بن أبي ربيعة، فالقاعدة الأصولية تقول: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص