قوله تعالى:{فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ... }[الأنبياء: ١٥] أي: قولهم: {قَالُواْ ياويلنآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}[الأنبياء: ١٤] فلم يقولوها مرة واحدة سرقة عواطف مثلاً، إنما كانت ديدنهم، وأخذوها تسبيحاً: يا ويلنا إنا كنا ظالمين، يا ويلنا إنا كنا ظالمين، فلا شيءَ يشفي صدورهم إلا هذه الكلمة يُردِّدونها. كما يجلس المرجم يُعزِّي نفسه نادماً يقول: أنا مُخطيء، أنا أستحق السجن، أنا كذا وكذا.
وقوله تعالى:{حتى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ}[الأنبياء: ١٥] الحصيد: أي المحصود وهو الزرْع بعد جمعه {خَامِدِينَ}[الأنبياء: ١٥] الخمود من أوصاف النار بعد أنْ كانت مُتأجِّجة مشتعلة ملتهبة صارت خامدة، ثم تصير تراباً وتذهب حرارتها. كأن الحق - سبحانه وتعالى - يشير إلى حرارتهم في عداء الرسول وجَدَلهم وعنادهم معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وقد خمدتْ هذه النار وصارتْ تراباً.