للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا نرى أن الإِهلاك لم يحدث دفعة واحدة، بل على مراحل لعلهم إذا أصابتهم شدة يضرعون إلى الله.

نحن نعلم أن السنة هي العام. . أي من مدة إلى نهاية مدة مثلها، لكنها تطلق - أيضاً - على الجدب والقحط. ولذلك يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في دعائه على قومه:

«اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف»

أي أن ينزل بهم سبحانه بعضاً من الجدب ليتأدبوا قليلاً.

ويقال: «أسنت القوم» أي أصابهم قحط وجدب. إذن فالسنة المراد منها هنا القحط والجدب.

ولماذا سماها سنة؟ لأن نعم الله متوالية كثيرة، وابتلاءاته لخلقه بالشرِّ قليلة في الكون، وسبحانه ينعم عليهم مدة طويلة ثم يبتليهم في لحظة، فإذا ما ابتلاهم في وقت يؤرخ به، ويقال حدث الابتلاء سنة كذا فيقال: سنة الجراد، سنة حريق القاهرة، وهكذا نجد الناس تؤرخ بالأحداث المفجعة؛ لأن الأحداث السارة عادة تكون أكثر من الأحداث السيئة. ولذلك قلنا إن الذي يعد أيام البلاء عليه أن يقارنها بأيام الرخاء، وعلى الواحد منا أن ينظر إلى أيام السنة التي عاشها، إن جاء له يوم بلاء حزن نقل له: وكم مرة عشت ونعمت بالرخاء؟ ونجد أن أيام الرخاء هي أكثر من أيام البلاء: {وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بالسنين وَنَقْصٍ مِّن الثمرات} .

وعرفنا أن السنين - كما قلنا - تعني الجدب والقحط، أما قوله سبحانه: {وَنَقْصٍ مِّن الثمرات} فهو يدل على أن بعضاً من الثمار كان موجوداً، أو كان الجدب

<<  <  ج: ص:  >  >>