وهنا يتساءل شعيب عليه السلام باستنكار: أوضعتم رهطي في كفة؛ ومعزَّة الله تعالى في كفة؟ وغلَّبتم خوفكم من رهطي على خوفكم من الله؟! ولم يأبه شعيب عليه السلام باعتزازهم برهطه أمام اعتزازه بربه؛ لأنه أعلن من قبل توكله على الله؛ ولأنه يعلم أن العزة لله تعالى أولاً وأخيراً.
ولم يكتفوا بذلك الاعتزاز بالرهط عن الاعتزاز بالله؛ بل طرحوا التفكير في الإيمان بالله وراء ظهورهم؛ لأن شعيباً عليه السلام يقول لهم:
{واتخذتموه وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً}[هود: ٩٢] .
أي: لم يجعلوا الله سبحانه أمامهم، فلم يأبهوا بعزة الله؛ ولا بحماية الله؛ وجعلوا لبعض خلقه معزَّة فوق معزَّة الله.
ولم يقل:(ظِهْرِيًّا) نسبة إلى (الظهر) ، فعندما ننسب تحدث تغييرات، فعندما ننسب إلى اليمن نقول: يمنيّ. ونقول: يمانيّ، فالنسب هنا إلى الظهري، وهي المنسي والمتروك، فأنت ساعة تقول: أنت طرحت فلاناً وراء ظهرك، يعني جعلته بعيداً عن الصورة بالنسبة للأحداث، ولم تحسب له حساباً. إذن: فهناك تغييرات تحدث في باب النسب.