هو إقرار بالربوبية؛ ولكن هذا الإقرار متبوع بعد الاعتراف بأنه قد سبّب لنفسه الطَّرد واللعنة؛ فقد قال:{بِمَآ أَغْوَيْتَنِي ... }[الحجر: ٣٩]
والحق سبحانه لم يُغوِه؛ بل أعطاه الاختيار الذي كان له به أن يؤمن ويطيع، أو يعصي ويُعاقب، فسبحانه قد مَكّن إبليس من الاختيار بين الفعل وعدم الفعل؛ فخالف إبليسُ أمرَ الله وعصاه.
ويتابع إبليس:{لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرض ... }[الحجر: ٣٩]
وفي هذا إيضاح أن كُلّ وسوسة للشيطان تقتصر فقط على الحياة المترفة. وفي الأشياء التي تُدمّر العافية، كمَنْ يشرب الخمر، أو يتناول المخدرات، أو يتجه إلى كل ما يُغضب الله بالانحراف.
ولذلك نجد أن مَنْ يحيا بدخْلٍ يكفيه الضرورات؛ فهو يَأْمن على نفسه من الانحراف. ونقول أيضاً لمَنْ يحاولون أن يضبطوا موازينهم المالية: إن الاستقامة لا تُكلّف؛ ولن تتجه بك إلى الانحراف.
وتزيين الشيطان لن يكون في الأمور الحلال؛ لأن كل الضرورات لم يُحرِّمها الحق سبحانه؛ بل يكون التزيين دائماً في غير الضرورات، ولذلك فالاستقامة عملية اقتصادية، تُوفّر على الإنسان مشقة التكلفة العالية من ألوان الإنحراف.