كيف في اللغة للسؤال عن الحال. والحق سبحانه وتعالى أوردها في هذه الآية الكريمة ليس بغرض الاستفهام، ولكن لطلب تفسير أمر عجيب ما كان يجب أن يحدث. وبعد كل ما رواه الحق سبحانه وتعالى في آيات سابقة من أدلة دامغة عن خلق السماوات والأرض وخلق الناس. . أدلة لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يخطئها. . فكيف بعد هذه الأدلة الواضحة تكفرون بالله؟ . . كفركم لا حجة لكم فيه ولا منطق. . والسؤال يكون مرة للتوبيخ. . كأن تقول لرجل كيف تسب أباك؟ أو للتعجب من شيء قد فعله وما كان يجب أن يفعله. . وكلاهما متلاقيان. سواء كان القصد التوبيخ أو التعجب فالقصد واحد. . فهذا ما كان يجب أن يصح منك. ثم يأتي الحق سبحانه وتعالى بأدلة أخرى لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يكذب بها. . فيقول جل جلاله:{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} .
وهكذا ينتقل الكلام إلى أصل الحياة والموت. فبعد أن بين الحق سبحانه وتعالى. . ماذا يفعل الكافرون الفاسقون والمنافقون من إفساد في الأرض. . وقطع لما أمر الله سبحانه وتعالى به أن يوصل. . صعد الجدل إلى حديث عن الحياة والموت. وقوله تعالى {كُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} قضية لا تحتمل الجدل. . ربما استطاعوا المجادلة في مساءلة عدم اتباع المنهج، أو قطع ما أمر الله به أن يوصل. . ولكن قضية الحياة والموت لا يمكن لأحد أن يجادل فيها. فالله سبحانه وتعالى خلقنا من عدم. . ولم يدع أحد قط أنه خلق الناس أو خلق نفسه. . وعندما جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقال للناس أن الذي خلقكم هو الله. . لم يستطع أحد أن يكذبه ولن يستطيع. . ذلك أننا كنا فعلا غير موجودين في الدنيا. . والله سبحانه وتعالى هو الذي أوجدنا وأعطانا الحياة. .