فربُّكم كريم ورحيم، إنْ تُبتْم تاب عليكم وقَبِلكم، فإنْ قدَّمْتُم العمل الصالح واشتدّ ندمكم على ما فات منكم من معصية يُبدِّل سيئاتكم حسنات.
وللتوبة أمران: مشروعيتها من الله ِأولاً، وقبولها من صاحبها ثانياً، فتشريعها فَضْل، وقبولها فَضْل آخر؛ لذلك يقول سبحانه:{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ليتوبوا}[التوبة: ١١٨] والمعنى: تاب عليهم بأنْ شرَّع لهم التوبة حتى لا يستحُوا من الرجوع إلى الله.
وقوله تعالى:{إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً}[الفرقان: ٧٠] تاب وآمن لمن عمل معصية تُخرجه عن الإيمان، فالعاصي لم يقارف المعصية إلا في غفلة عن إيمانه، كما جاء في الحديث الشريف:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» .
ولو استحضر العاصي جلالَ ربه ما عصاه، ولتضخمتْ عنده المعصية فانصرف عنها، وما دام قد غاب عنه إيمانه فلا بُدَّ له من تجديده، ثم بعد ذلك يُوظِّف هذا الإيمان في العمل الصالح.