{قَالُواْ}[النمل: ٤٩] أي: الرهط {تَقَاسَمُواْ بالله لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}[النمل: ٤٩] انظر إلى هذه البجاحة وقلة العقل وتفاهة التفكير: إنهم يتعاهدون ويُقسمون بالله أنْ يقتلوا رسول الله، وهذا دليل غبائهم، وكأن الحق تبارك وتعالى يجعل لهم منافذ يظهر منها حُمْقهم وقِلّة عقولهم.
ومعنى {لَنُبَيِّتَنَّهُ}[النمل: ٤٩] نُبيِّته: نجعله ينام بالليل، والبيتوتة أن ينقطع الإنسان عن الحركة حالَ نومه، ثم يعاود الحركة بالاستيقاظ في الصباح، لكن هؤلاء يريدون أنْ يُبيِّتوه بيتوتة لا قيامَ منها. والمعنى: نقلته.
فإذا ما جاء أولياء الدم يطالبوننا بدمه {لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ}[النمل: ٤٩] أي: وليّ الدم من عُصْبته ورحمه {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}[النمل: ٤٩] أي: ما شهدنا مقتل أهله، فمن باب أَوْلَى ما شهدنا مقْتله، ولا نعرف عنه شيئاً.
هذا ما دبره القوم لنبي الله صالح عليه السلام يظنون أن الله يُسْلِم رسوله، أو يُمكِّنهم من قتله، فحاكوا هذه المؤامرة ولم يفتهم تجهيز الدفاع عن أنفسهم حين المساءلة، هذا مكرهم وتدبيرهم.