و «هذا» مقصود به ما تقدم من آيات. من كتاب الإِسلام وهو القرآن، وذلك ما يشرح الصدر القابل للإِيمان، والقرآن هو الحامل لمنهج الإِسلام؛ فمرة تعود الإِشارة إلى القرآن أو إلى الإِسلام. وليس هناك خلاف بين القرآن والإِسلام.
{وهذا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} . و «الصراط» هو الطريق السَّوي، والطريق السَّوي قد يكون مع استوائه معوجاً لكن هذا الطريق مستوٍ ومستقيم، ونعلم أن الطريق المستقيم هو أقصر الطرق الموصلة للغاية. وعلى هذا فصراط لا تغني عن مستقيم، ومستقيم لا يغني عن صراط، بل لابد من صراط معبد ومستقيم ليكون أقصر طريق إلى الغاية وبلا متاعب، إننا - نحن البشر - نرى المهندسين وهم يقيسون الأبعاد والمسافات والغايات والبدايات والنهايات، وبعد ذلك يربطون البدايات بالغايات.
إنهم يحضرون آلات معينة ليرصدوا استقامة الطريق وكيفية تمهيده. وقد يعترض استقامة الطريق عقبات صبعة شديدة كَأْدَاء كجبل مثلاً، فيقوم المهندسون إما بنحت نفق في الجبل ليضمنوا له الاستقامة، وإما بأن يحني الطريق ليضمنوا جودة تعبيد الطريق. فإن جاء المهندسون وقالوا نمشي من هنا لنضمن استقامة الطريق فإننا نفعل ذلك. وإلاّ جعلوا الطريق متعرجاً أو حلزونيًّا؛ وذلك ليتفادى السائر العقبات التي ليس له قدرة عليها.
لكن إذا كان الصراط قد مهده رب، أتوجد له عقبة؟ طبعاً لا، إذن فهو طريق مستقيم. ولنلحظ أنه سبحانه قال:«صراط ربك» أي أنه جاء بها من ناحية