قال {رَبَّكَ}[الشعراء: ١٤٠] ولم يقُلْ ربهم؛ لأن منزلة المربِّي تعظم في التربية بمقدار كمال المربِّي، فكأنه تعالى يقول: أنا ربُّك الذي أكملت تربيتك على أحسن حال، فَمنْ أراد أنْ يرى قدرة الربوبية فليرها في تربيتك أنت، والمربَّى يبلغ القمة في التربية إنْ كان مَنْ ربَّاه عظيماً.
لذلك يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أدَّبني ربي فأحسن تأديبي» .
إذن: فمن عظمة الحق تبارك وتعالى أنْ يُعطي نموذجاً لدقّة تربيته تعالى ولعظمة تكوينه، ولما يصنعه على عَيْنه تعالى بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فكأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أكرمُ مخلوق مُربَّى في الأرض؛ لذلك قال {رَبَّكَ}[الشعراء: ١٤٠] ولم يقل: ربهم مع أن الكلام ما يزال مُتعلقاً بهم.
وقوله تعالى:{لَهُوَ العزيز الرحيم}[الشعراء: ١٤٠] العزيز قلنا: هو الذي يَغْلِب ولا يُغْلَب، لكن لا تظن أن في هذه الصفة جبروتاً؛ لأنه تعالى أيضاً رحيم، ومن عظمة الأسلوب القرآني أن يجمع بين هاتين الصفتين: عزيز ورحيم وكأنه يشير لنا إلى مبدأ إسلامي يُربِّي