وبعد أن بين الله سبحانه وتعالى لنا مصير الكافرين الذين يشككون في القرآن ليتخذوا من ذلك عذراً لعدم الإيمان. قال: إذا كنتم قد اخترتم عدم الإيمان، بما أعطيتكم من اختيار في الدنيا، فإنكم في الآخرة لن تستطيعوا أن تتقوا النار. ولن تكون لكم إرادة.
ثم يأتي الحق تبارك وتعالى بالصورة المقابلة. والقرآن الكريم إذا ذكرت الجنة يأتي الله بعدها بالصورة المقابلة وهي العذاب بالنار. وإذا ذكرت النار بعذابها ولهيبها ذكرت بعدها الجنة. وهذه الصورة المتقابلة لها تأثير على دفع الإيمان في النفوس. فإذا قرأ الإنسان سورة للعذاب ثم جاء بعدها النعيم فإنه يعرف أنه قد فاز مرتين. فالذي يزحزح عن النار ولا يدخلها يكون ذلك فوزاً ونعمة، فإذا دخل الجنة تكون نعمة أخرى، ولذلك فإن الله تعالى يقول:{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ}[آل عمران: ١٨٥]
ولم يقل سبحانه ومن أدخل الجنة فقد فاز. لأن مجرد أن تزحزح عن النار فوز عظيم. . وفي الآخرة. وبعد الحساب يضرب الصراط فوق جهنم، ويعبر من فوقه المؤمنون والكافرون. فالمؤمنون يجتازون الصراط المستقيم كل حسب عمله منهم من يمر بسرعة البرق. ومنهم من يمر أكثر بطأً وهكذا، والكافرون يسقطون في النار.