ويورد الحق كلمة «كسب» عندما يتناول أمراً خَيِّرًا فعله الإنسان، ويصف ارتكاب الفعل السيئ ب «اكتسب» ، لماذا؟ لأن فعل الخير عملية فطرية في الإنسان لا يستحيي منه، لكن الشر دائماً هو عملية يستحيي منها الإنسان؛ لذلك يحب أن يقوم بها في خفية، وتحتاج إلى افتعال من الإنسان.
ولنضرب هذا المثل للإيضاح - ولله المثل الأعلى - نحن نجد الرجل ينظر إلى وسامة زوجته بكل ملكاته، لكنه لو نظر إلى واحدة أخرى من غير محارمه فهو يقوم بعملية لخداع ملكات النفس حتى يتلصص ليرى هذه المرأة. ويحاول التحايل والافتعال ليتلصص على ما ليس له. ولذلك يقال عن الحلال: إنه «كسب» ويقال عن الحرام: إنه «اكتساب» . .
فإذا ما جاء القرآن للسيئة وقال «كسب سيئة» فهذا أمر يستحق الالتفات، فالإنسان قد يعمل السيئة ويندم عليها بمجرد الانتهاء منها إن كان من أهل الخير، ونجده يويخ نفسه ويلومها ويعزم على ألا يعود إليها. لكن لو ارتكب واحد سيئة وسعد بذلك وكأنها حققت له كسباً ويفخر بها متناسياً الخطر الجسيم الذي سوف يواجهه يوم القيامة والمصير الأسود، وهو حين يفخر بالمعصية ففي ذلك إعلان عن فساد الفطرة، وسيادة الفجور في أعماقه، وهو يختلف عن ذلك الذي تقع عليه المعصية ولحظة ما يتذكرها يقشعر بدنه ويستغفر الله.
{وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ على نَفْسِهِ} فإياك أيها الإنسان أن تظن أنك حين تظلم أحداً بعمل سوء قد كسبت الدنيا؛ فوالله لو علم الظالم ماذا أعد الله للمظلوم لضن على عدوه أن يظلمه. وأضرب هذا المثل للإيضاح - ولله المثل الأعلى دائماً - هب أن رجلاً له ولدان. وجاء ولد منهما وضرب أخاه أو خطف منه شيئا يملكه، ورأى الأب هذا الحادث، فأين يكون قلب الأب ومع من يكون؟