يعني: بعد أن أشركوا بالله وكفروا به، وبعد أنْ أصبحتْ قلوبهم في غمرة وعمىً إذا مسَّهم شيء من العذاب يجأرون ويصرخون، ومَنْ ذا الذي يطيق لفحة أو رائحة من عذاب الله؟
ومعنى {أَخَذْنَا. .}[المؤمنون: ٦٤] كلمة الأخذ لها مجال واسع في كتاب الله، والأَخْذ: هو الاستيلاء بعنف على شيء هو لا يحبّ أنْ تستولي عليه، والأَخْذ يُوحي بالعنف والشدة، بحيث لا يستطيع المأخوذ الإفلات مهما حاول.
ومن ذلك قوله تعالى:{أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ}[القمر: ٤٢] يعني: أخذاً شديداً يتململ منه فلا يستطيع الفكاك.
وقوله:{وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة. .}[هود: ٦٧] .
ومعنى:{مُتْرَفِيهِمْ. .}[المؤمنون: ٦٤] من الترف وهو التنعُّم؛ لأن الحياة تقوم على ضروريات تستبقي الحياة وكماليات تُسعدِها وتُرفِّهها وتُثريها، فالمتْرَف مَنْ عنده من النعيم فوق الضروريات، يقال: ترِف الرجل يتَرف من باب فَرِح يفرح، وأترفته النعمة إذا أطغته، وأترفه الله يعني: وسّع عليه النعمة وزاده منها. وعلى قدر الإتراف يكون الأخذ أبلغَ والألم أشدَّ.
وسبق أن ذكرنا قول الله عَزَّ وَجَلَّ:{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ. .}[الأنعام: ٤٤] يعني: من منهج الله، لم نُضيِّق عليهم إنما: {فَتَحْنَا