إن آيات الله هي حججه وبراهينه وجزاءاته، فمن اسود وجهه يوم القيامة نال العذاب، ومن ابيض وجهه نال الرحمة وهو فيها خالد {تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بالحق} ، فما الذي يجعل إنسانا لا يخبر بالحق؟ لا بد أن هناك داعيا عند ذلك الإنسان، فلأِنّ الحق يُتبعه، فهو يخبر بغير الحق. لكن هل هناك ما يتعب الخالق؟ لا؛ فسبحانه وتعالى منزه عن ذلك وعن كل نقص أو عيب إذن فلا بد ألاّ يقول إلا الحق، فلا شيء خارج عن ملكه بعد ذلك. يقول سبحانه:{وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ} . إنه سبحانه ينفي الظلم عن نفسه كما قال:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}[فصلت: ٤٦]
والحق لا يريد الظلم على إطلاقه من نفسه ومنكم أنتم أيها العباد. وكيف يأتي الظلم؟ إن مظاهر الظلم هي - كما نعرف - أن تأخذ إنسانا بغير جرم. . هذا ظلم. أو ألا تعطي إنسانا مستوى إحسانه. . هذا ظلم. وماذا يفعل من يقوم بالظلم؟ إنه يريد أن يعود الأمر بالنفع له، فإن كان يريد أَخْذَ إنسانٍ بغير جرم فهو يفعل ذلك ليروي حقدا وغلا في نفسه، وقد يلفق لإنسان جرما؛ لأنه يرى أن هذا الإنسان قد يهدده في أي مصلحة من المصالح، وهو يعلم انحرافه فيها، فيعتقله مثلا، أو يضعه في السجن حتى لا يفضحه.
إذن لا يمكن أن يذهب إنسان عن الحق إلى الظلم إلا وهو يريد أن يحقق منفعة أو يدفع عن نفسه ضررا، والله لن يحقق لذاته منفعة بظلم، أو يدفع ضررا يقع من خلقه عليه؛ إنه منزه عن ذلك؛ فهو القاهر فوق عباده. والحديث القدسي يقول:«يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي. وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» .