والذي ينعق هو الذي يُصَوِّتُ ويصرح للبهائم، وهو الراعي، إذن، فكلمة ينعق أعطتنا صورة راع يرعى بهائم. وكان هذا الصياح من الراعي ليلفت الماشية المرعية لتسير خلفه، وهو لا يقول لها ما يريده أن تفعله، وإنما ينبهها بالصوت إلى ما يريد، ويسير أمامها لتسير خلفه إلى المرعى أو إلى نبع الماء، فالنداء لفتة ودعاء فقط، لكن ما يراد من الدعاء يصير أمرا حركيا تراه الماشية. فكأن الماشية المرعية لا تفهم من الراعي إلا النداء والدعاء، إنما دعاء ونداء لماذا؟ فهي لا تعرف الهدف منه، إلا بأن يسلك الراعي أمامها بما يرشدها. وهكذا نفهم أن هناك «راعيا» ، و «ماشية» ، و «صوتا من الراعي» وهو مجرد دعاء ونداء.
مقابل هؤلاء الثلاثة في قضيتنا هو الرسول حين يدعو فيكون هو «الراعي» ويدعو من؟ ، يدعو «الرعية» الذين هم الناس.
وبماذا يدعو الرعية؟ . أيناديها فقط لتأتيه، أم يناديها لتأتيه ويأمرها بأشياء؟ . إنه يأمرها باتباع منهج السماء.
وهذا هو الفارق بين الراعي في الماشية والراعي في الآدميين.
فعندما يأتي الرسول ويقول:«يا قوم إني لكم رسول، وإني لكم نذير» فهذا هو الدعاء، ومضمون ذلك الدعاء هو «اعبدوا الله» .
«انظروا في السماوات والأرض» ، «افعلوا كذا من أوامر وانتهوا عن تلك النواهي» ، هذا ما يريده الرسول.