هذه المشاهد لم تكن مجرد تاريخ يحكيه القرآن، إنما مشاهد ومَرَاءٍ رآها كفار مكة في رحلة الصيف يمرون على هذه الديار، كما قال سبحانه في موضع آخر:{وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وباليل أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[الصافات: ١٣٧١٣٨] إذن: فهذا التاريخ له واقع يسانده، وآثار تدل عليه.
والقرية التي أُمطرتْ مطر السَّوْء هي سدوم قرية قوم لوط {أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا}[الفرقان: ٤٠] ألم يشاهدوها في أسفارهم.
{بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً}[الفرقان: ٤٠] كلمة (بَلْ) للإضراب، فهي تنفي ما قبلها، وتُثبِت ما بعدها، فالمعنى: أنهم مَرُّوا عليها وشاهدوها، ويَعْرفونها تمام المعرفة، لكنهم لا يرجُونَ نُشُوراً يعني: لا ينتظرون البعث، ولا يؤمنون به، ولا يعترفون بالوقوف بين يدي الله للحساب، ألم يقولوا:{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[المؤمنون: ٨٢] .
وعجيبٌ ألاَّ يؤمنَ هؤلاء بالبعْث والحساب، وهم أنفسهم كانوا إذا رأَوْا ظالماً وقفوا في وجهه ومنعوه من الظلم، كما كان في حِلْف