أي وقال قوم فرعون لموسى عليه السلام: أي شيء تأتينا به من المعجزات لتصرفنا عما نحن فلن نؤمن لك، وسموا ما جاء به موسى «آية» استهزاء منهم وسخرية. وكل هذه مقدمات تبرز الإِهلاك الذي قال الله فيه:{عسى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ ... }[الأعراف: ١٢٩]
وأعلنوا أن ما جاء به موسى هو سحر على الرغم من أنهم رأوا السحرة الذين برعوا في السحر وعرفوا طرائقه وبذّوا فيه سواهم قد خروا ساجدين وآمنوا، كيف يحدث هذا والسحرة كلهم جُمِعوا إلى وقت معلوم؟ وشهد كل الناس التجربة الواقعية التي ابتلعت فيها عصا موسى كل سحر السحرة فآمنوا وسجدوا، فكيف يتأتى لمن لا يعرفون السحر أن يتهموا موسى بالسحر؟ وكيف يظنون أن ما يأتي به من آيات الله هو لون من السحر؟ . إنهم يقولون كلمة «مهما» وهي تدل على استمرارية العناد في نفوسهم مثلما يقول واحد لآخر: لقد صممت على ألا أقبل كلامك، فيكرر الرجل: انتظر لتسمع حجتي الثانية فقد تقنعك، فيقول: مهما تأتني من حجج فلن أسمع لك، وهذا يعني استمرارية العناد والجحود والتمرد ويقدمون حيثيات هذا الجحود فيقولون:{وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}[الأعراف: ١٣٢]
وإذا كانوا يظنون أن آيات الله التي مع موسى من السحر، فهل للمسحور إرادة مع الساحر؟ . لو كانت المسألة سحراً لسحركم وانتهى الأمر. وقلنا قديماً في الرد على الذين قالوا: إن محمداً يسحر ليؤمنوا به، قلنا إذا كان هو قد سحر الناس ليؤمنوا به، فلماذا لم يسحركم لتؤمنوا وتنفض المسألة؟ إن بقاءكم على العناد دليل على أنه لا يملك شيئاً من أمر السحر.
وأنت ساعة تسمع كلمة «مهما» تعرف أن هناك شرطاً، وله جواب، ويقول العلماء: إن أصلها «مه» أي كُفّ عن أن تأتينا بأية آية فلن نصدقك. وهذا يعني أن هناك إصرار وعناداً على عدم الإِيمان.