قوله {تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ ... }[الأحزاب: ٥١] أي: تؤخر مَنْ تشاء من زوجاتك عن ليلتها {وتؤوي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ ... }[الأحزاب: ٥١] أي: تضم إليك، وتضاجع مَنْ تشاء منهن {وَمَنِ ابتغيت ... }[الأحزاب: ٥١] من طلبتَ من زوجاتك وقرَّبت {مِمَّنْ عَزَلْتَ ... }[الأحزاب: ٥١] أي: اجتنبتَ بالإرجاء والتأخير {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ... }[الأحزاب: ٥١] أي: لا إثم ولا حرج.
{ذَلِكَ أدنى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ... }[الأحزاب: ٥١] أي: أنهُنَّ جميعاً سيفرَحْنَ، التي تضمها إليك، والتي تُرجئها وتؤخرها، وسوف يرضيْنَ بذلك؛ لأنهن يعلَمنَ أن مشيئتك في ذلك بأمر الله، فالتي ضمها رسول الله إيه تفرح بحب رسول الله ولقائه، والتي أُخِّرَتْ تفرح؛ لأن رسول الله أبقى عليها، ثم عاد إليها مرة أخرى وضمَّها إليه وقرَّبها، وهذا يدل على أن لها دوراً ومنزلة، وأيضاً حين يكون ذلك من تشريع رب محمد لمحمد، فإنه لا يعني أنه كرهها أو زهد فيها، فإنْ فعلْتَ ذلك يا محمد - مع أن فيه مشقة - فإنما فعلْتَه طاعة لأمر مَنْ؟ لأمر الله، فتأخذ ثواب الله عليه.
وحين نتأمل كلمة {تَقَرَّ ... }[الأحزاب: ٥١] تجد أنها كعامة كلمات القرآن (كالألماس) ، لكل ذرة تكوينية فيه بريق خاص وإشعاع؛ لذلك يقولون عنه:(دا بيلالي) ومع كثرة بريقه لا يطمس شعاعٌ فيه شعاعاً آخر، كذلك كلمات القرآن.
(قرَّ) وردتْ كثيراً في القرآن كما في {قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ... }[القصص: ٩] .
كلمة قرَّ معناها سكن، نقول: قَرَّ بالمكان أي: استقر فيه وسكن، والقرّ هو البرد، وقُرَّة العين تأتي بالمعنيين، فالعين تسكن