ويريد الحق سبحانه هنا أن يلفتَ نبيَّه نوحاً إلى أن أهليَّة الأنبياء ليست أهلية الدم واللحم، ولكنها أهلية المنهج والاتِّباع، وإذا قاس نوح عليه السلام ابنه على هذا القانون، فلن يجده ابناً له.
ألم يقل نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن سلمان الفارسي:«سلمان منَّا آل البيت» .
إذن: فالبنوة بالنسبة للأنبياء هي بنوة اتِّباع، لا بنوة نَسَب.
وانظر إلى دقة الأداء في قول الله تعالى:
{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}[هود: ٤٦] .
ثم يأتي سبحانه بالعلة والحيثية لذلك بقوله:
{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: ٤٦] .
فكأن البنوة هنا عمل، وليست ذاتاً، فالذات منكورة هنا، والمذكور هو العمل، فعمل ابن نوح جعله غير صالح أن يكون ابناً لنوح.
وهكذا نجد أن المحكوم عليه في البنوة للأنبياء ليس الدم، وليس الشحم، وليس اللحم، إنما هو الاتِّباع بدليل أن الحق سبحانه وصف ابن نوح بقوله تعالى:{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ولو كان عملاً صالحاً لكان ابنه.