وهذا انتقال لحكم جديد، فبعد أن تكلم الحق فيما أحله لنا وقال سبحانه:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام}[المائدة: ١] .
وبعد أن تكلم الحق سبحانه فيما حرم علينا من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكى وذبح وحرَّم ما ذبح للأصنام وما استقسم بالأزلام وكذلك الخمر والميسر، أراد أن يعطينا محرمات من نوع خاص، وحتى نعرف هذه المحرمات لا بد لنا أن نعرف أن هناك أشياء محرمة في كل زمان وكل مكان، كالخمر والميسر والزنا وغير ذلك من النواهي الثابتة، سواء أكانت عبادة أصنام أم أزلام أم غير ذلك من أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، وهناك محرمات في أزمنة خاصة، أو في أمكنة خاصة. والفعل، أي فعل، لا بد له من زمن ولا بد له من مكان.
نحن مأمورون بالصلاة في زمانها في أي مكان طاهر وصالح للصلاة فيه، وكذلك الصوم يتحكم فيه الزمان، أما الحج فالذي يتحكم فيه هو الزمان والمكان. وأما العمرة فالذي يتحكم فيها هو المكان؛ لأن الإنسان يستطيع أن يعتمر في أي زمان - غالباً - ويتكلم سبحانه هنا عن نهي في مكان خاص وفي زمان خاص، فالصيد ليس محرماً إلا في حالة أن يكون الإنسان حُرماً.