ولم يقُلْ: لتبعثون كما قال {لَمَيِّتُونَ}[المؤمنون: ١٥] فكيف يؤكد ما فيه تصديق وتسليم، ولا يؤكد ما فيه إنكار؟
قالوا: نعم؛ لأن المتكلم هو الله تعالى، الذي يرى غفلتكم عن الموت رغم وضوحه، فلما غفلتم عنه كنتم كالمكذِّبين به المنكرين له، لذلك أكد عليه، لذلك يقال:«ما رأيت يقيناً أشبه بالشك من يقين الناس بالموت» فالكل يعلم الموت ويعاينه، لكن يبعده عن نفسه، ولا يتصوّره في حقه.
أما البعث والقيامة فأدلتها واضحة لا يصح لأحد أنْ ينكرها؛ لذلك جاءت دون توكيد:{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ}[المؤمنون: ١٦] فأدلة البعث أوضح من أن يقف العقل فيها أو ينكرها؛ لذلك سأطلقها إطلاقاً دون مبالغة في التوكيد، أمّا مَنْ يتشكك فيه أو ينكره، فهذا نؤكد له الكلام، فانظر إلى بصر الحق - سبحانه وتعالى - بعقليات خَلْقه وبنفوسهم ومَلَكَاتهم.