قوله تعالى {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض}[القصص: ٦] نعرف أن الأرض مكان يحدث فيه الحدَث، لأن كل حَدَث يحتاج إلى زمان وإلى مكان، فالمعنى: نجعل الأرض مكاناً لممكَّن فيها، والتمكين يعني: يتصرف فيها تسلطاً، ويأخذ خيرها.
وقد شرح الحق سبحانه لنا التمكين في عدة مواضع من القرآن، ففي قصة يوسف عليه السلام:{إِنَّكَ اليوم لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}[يوسف: ٥٤] مكين يعني: لك عندنا مكانة ومركز ثابت لا ينالُك أحد بشيء، ومنها قوله تعالى:{وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض}[يوسف: ٢١] يعني: أعطيناه سلطة يأخذ بها خير المكان، ثم يُصرِّف هذا الخير للآخرين.
وقوله تعالى:{وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ}[القصص: ٦] وهامان هو وزير فرعون، ولا بد أنه كان لكل منهما جنود خاصة غير جنود الدولة عامة، كما نقول الآن: الحرس الجمهوري، والحرس الملكي، والجيش.
أو: أن هامان يصنع من باطن فرعون، فالملِك لا يزاول أموره إلا بواسطة وزرائه، وفي هذه الحالة يأخذ الجنود الأوامر من هامان. أو: أن هامان كان له سلطة ومركز قوة لا تقل أهمية عن سلطة فرعون، وربما رفع رأسه وتطاول على فرعون في قوت من الأوقات.