إنها صرخة الشيطان الذي يخوِّف أولياءه، ويَصحُّ أن يصرخ الشيطان صرخته وهو يتمثل في صورة بشر، ويصح أن ينزغ الشيطان بصرخته لواحد من البشر فيصرخُ هذا الإنسان بنزغ الشيطان له {إِنَّمَا ذلكم الشيطان يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} .
وعندما نقرأ القرآن بدقة صفائية إيمانية فلا بد أن نفهم عن القرآن بعمق، فمن هم أولياء الشيطان؟ أولياء الشيطان في هذا الموقف، إما كفّار قريش، وإما المنافقون أو هما معا. و {أَوْلِيَاءَهُ} هم أحبابه الذين ينصرون فكرته.
كأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يُبلّغنا: إنما ذلكم الشيطان الذي قال: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، هذا الشيطان إنما يخوف أولياءه.
وللوهلة الأولى نجد أن الشيطان مُفترض فيه أن يخوّف أعداءه. ونحن هنا أمام شيطان ينزغ بعبارة التخويف، فمن الذي يخاف وممن يخاف؟
المفروض أن يُخيف الشيطانُ أعداءه، هذا هو المنطق.
فنحن في حياتنا العادية نقول: خوّفت فلاناً من فلان، أو خوفت فلاناً فلاناً إذن فالشيطان يحاول هنا أن يتسلط على المؤمنين ويخوفهم من أوليائه الكفار والمنافقين، ونعرف في اللغة أن هناك في بعض المواقف يمكننا أن نحذف حرف الجر ونصل الجملة، ونُسمّيه «مفعولاً منه» . مثال ذلك قول الحق:{واختار موسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}[الأعراف: ١٥٥]