بعد أن ذكرتْ الآيات فضل الصبر وما فيه من خيرية، وكأن الآية السابقة تمهد للأمر هنا (وَاصْبِرْ) ليأتمر الجميع بأمر الله، بعد أنْ قدَّم لهم الحيثيات التي تجعل الصبر شجاعة لا ضعفاً، كمَا يقولون في الحكمة: من الشجاعة أنْ تجبُنَ ساعة.
فإذا ما وسوس لك الشيطان، وأغراك بالانتقام، وثارت نفسُك، فالشجاعة أنْ تصبر ولا تطاوعهما.
من حكمة الله ورحمته أنْ جعلك تصبر على الأذى؛ لأن في الصبر خيراً لك، والله هو الذي يُعينك على الصبر، ويمنع عنك وسوسة الشيطان وخواطر السوء التي تهيج غضبك، وتجرّك إلى الانتقام.
والحق سبحانه وتعالى يريد من عبده أن يتجه لإنفاذ أمره، فإذا علم ذلك من نيته تولّى أمره وأعانه، كما قال تعالى:{والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ}[محمد: ١٧] .
إياك أن تعتقد أن الصبر من عندك أنت، فالله يريد منك أن تتجه إلى الصبر مجرد اتجاه ونية، وحين تتجه إليه يُجنّد الله لك الخواطر الطيبة التي تُعينك عليه وتُيسِّره لك وتُرضيك به، فيأتي صبرك جميلاً، لا سخطَ فيه ولا اعتراضَ عليه.