ساعة تسمع «أم» فاعلم أنها إضرابية، أي: ما كان الله سبحانه ليترككم حتى يعلم - علم الواقع - من منكم يؤمن إيمانا يؤهله للجهاد في سبيل الله؛ فإن ظننتم أن الله تارككم بدون ابتلاء وبدون أن يختبركم ويمحصكم، فيجب أن تعرضوا عن ذلك وتفهموا ما يقابله.
إذن فالابتلاء أمر ضروري لمن أراد الله تعالى له أن يتحمل أمر الدعوة ليواجه شراسة التحلل والفساد، لذلك يُصفِّي الله من آمنوا حتى يقف كل واحد منهم موقف الانتماء إلى الله مضحيا في سبيل الله. وساعة يقول الحق عَزَّ وَجَلَّ في شيء كلمة {وَلَمَّا يَعْلَمِ} فليس معنى ذلك أنه لم يعلم وسيعلم، لا، فسبحانه يعلم كل شيء أزلا، ولكن العلم الأزلي لا يكون حجة على البشر. ودائماً أضرب هذا المثل - ولله المثل الأعلى - نجد عميد إحدى الكليات أحيانا يعلن عن جائزة علمية يريد أن يعطيها للمتفوقين؛ فيقول له المدرس الذي يشرف على تحصيل التلاميذ: إن فلاناً هو الأول وهو يستحق الجائزة،