إذن: المرحلة الثانية في الإيمان بعد الإيمان بالقمة الإلهية الإيمان بالرسل {الله يَصْطَفِي مِنَ الملائكة رُسُلاً وَمِنَ الناس. .}[الحج: ٧٥] .
والاصطفاء: اختيار نخبة من كثير، واختيار القليل من الكثير دليل على أنها الخلاصة والصفوة، كما يختلف الاصطفاء باختلاف المصطفي، فإنْ كان المصطفِي هو الله تعالى فلا بُدَّ أنْ يختار خلاصة الخلاصة.
والاصطفاء سائر في الكون كله، يصطفي من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسلاً، ويصطفي من الزمان، ويصطفي من المكان، كما اصطفى رمضان من الزمان، والكعبة من المكان. ولم يجعل الحق سبحانه الاصطفاء لتدليل المصطفى على غيره، إنما ليُشيع اصطفاءَه على خَلْق الله، فما اصطفى رمضان على سائر الزمن - لا ليدلل رمضان - إنما لتأخذ منه شحنة تُقوِّي روحك، وتُصفِّيها بقية الأيام، لتستفيد من صالح عملك فيها.
وقد يتكرر الاصطفاء مع اختلاف متعلق الاصطفاء؛ لذلك وقف المستشرقون عند قول الله تعالى:{يامريم إِنَّ الله اصطفاك وَطَهَّرَكِ واصطفاك على نِسَآءِ العالمين}[آل عمران: ٤٢] .
يقولون: ما فائدة تكرار الاصطفاء هنا؟ ولو تأملنا الآية لوجدنا فَرْقاً بين الاصطفاء الأول والآخر: الاصطفاء الأول اصطفاء؛ لأنْ