والقاهر هو المتحكم بقدرة فائقة محيطة مستوعبة. ولقائل أن يقول: ما دام الحق هو القاهر فكيف يكفر الكافر وكيف يعصي العاصي؟ . ونقول: إن الكافر يكفر بما خلق الله فيه من اختيار وكذلك تكون معصية العاصي. ولكن الحق أوجد في الإنسان اضطراريات وقهريات تدلنا على أنه سبحانه فعال لما يريد. ولا أحد من المتمردين على منهج الله يجرؤ أن يسحب هذا التمرد على ما يجريه الله عليه من مرض أو موت.
والمتمرد أو الكافر إنما يختار من باطن الاختيار الذي خلقه الله فيه، والله هو الحاكم للميلاد والموت ولا شيء للإنسان فيهما، وكذلك هو سبحانه له تصريف أمور الغنى والفقر ولا يجرؤ متمرد على أن يتمرد على المصائب التي تحدث له وإن تمرد على منهج الله؛ لأن التمرد هو من باطن خلق الله للاختيار الذي أودعه في الإنسان. {وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ}[الأنعام: ٦١] .