أي: أن هؤلاء المشركين الذين يَهْزءون بك لهم عذابهم؛ ذلك أنهم أشركوا بالله سبحانه، وحين يقول الحق سبحانه:
{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر: ٩٦] .
ففي هذا القول استيعاب لكل الأزمنة، أي: سيعلمون الآن ومن بعد الآن، فكلمة «سوف» تتسع لكل المراحل، فالحق سبحانه لم يأخذهم جميعاً في مرحلة واحدة، بل أخذهم على فترات.
فحين يأخذ المُتطرِّف في الإيذاء؛ قد يرتدع مَنْ يُؤذِي، ويتراجع عن الاستمرار في الإيذاء، وقد يتحوّل بعضهم إلى الإيمان؛ فمَنْ كانت شِدّته على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تصبح تلك الشدة في جانب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وها هو المثَلُ واضح في عكرمة بن أبي جهل؛ يُصَاب في موقعة اليرموك؛ فيضع رأسه على فَخذِ خالد بن الوليد ويسأله: يا خالد، أهذه ميتة تُرضِي عني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ فيرد خالد:«نعم» . فيُسلِم الروح مُطْمئناً.