فما دام أن القوم يُكذِّبون رسول الله، وهم في مأمن من العذاب، فلابُدَّ أن يتمادوا في تكذيبهم، ويستمروا في عنادهم لرسول الله؛ لذلك يتوجه الحق سبحانه وتعالى إلى الناحية الأخرى فيعطي رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المناعة اللازمة لمواجهة هذا الموقف {فاصبر على مَا يَقُولُونَ}[طه: ١٣٠] لأن لك بكل صبر أجراً يتناسب مع ما تصبر عليه.
والصبر قد يكون مَيْسوراً سهلاً في بعض المواقف، وقد يكون شديداً وصَعْباً ويحتاج إلى مجاهدة، فمرَّة يقول الحق لرسوله: اصبر. ومرة يقول: اصطبر.
فما الأقوال التي يصبر عليها رسول الله؟ قولهم له: ساحر. وقولهم: شاعر وقولهم: مجنون وكاهن، كما قالوا عن القرآن: أضغاث أحلام. وقالوا: أساطير الأولين. فاصبر يا محمد على هذا كله؛ لأن كلَّ قوله من أقوالهم تحمل معها دليل كذبهم.
فقولهم عن رسول الله: ساحر، فمَن الذي سَحَره رسول الله؟ سحر المؤمنين به، فلماذا إذن لم يسحرْكم أنتم أيضاً، وتنتهي المسألة. إذن: بقاؤكم على عناده والكفر به دليل براءته من هذه التهمة.