وحين نهانا الحق عن أن نتخذ اليهود والنصارى أولياء فعلينا أن نأخذ بالقياس أن النهي إنما يشمل كل خصوم ديننا، فلا نتخذ أيّاً من أعداء الدين وليّاً لنا؛ لأنه سبحانه وتعالى لم يتركنا بغير ولاية، وهو وليّنا وكذلك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والذين آمنوا.
إذا أردنا المقارنة بين ولاية الله، وولاية أعداء الله فلنعرف أن كل عدو لله له قدرة محدودة لأنه من البشر، أما ولاية الله لنا فلها مطلق القدرة. وأي عدو له قد يتظاهر لنا بالولاية نفاقا. أما ولاية الله لنا فلا نفاق فيها لأنه لا قوة أعلى منه. وإن كان الحق قد منعنا أن نتخذ من أعدائه أولياء فذلك ليحررنا من الولاية المحدودة ليعطينا الولاية التي لا تتغير وهي ولايته سبحانه وتعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ والذين آمَنُواْ} وهكذا يكون التعويض في الولاية أكبر من كل تصور. وساعة نرى «إنما» فلنعرف أن هناك ما نسميه «القصر» أو «الحصر» .
مثال ذلك نقول:«إنما الكريم زيد» : كأن القائل قد استقرأ آراء الناس ولم يجد كريماً إلا زيداً، وكأنه يقول:«زيد كريم وغير زيد ليس بكريم» واختصر الجملتين في جملة واحده بقوله: «إنما الكريم زيد» وأثبت بهذا القول الكرم لزيد ونفاه عن غيره. أما إن قال القائل:«زيد كريم» فهذا القول لا يمنع أن يكون غيره من الكرماء.
إن الحق سبحانه يحصر الولاية في قوله:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ والذين آمَنُواْ} وهو قد نهانا من قبل عن ولاية أهل الكتاب، وعن ولاية كل من لا توجد عنده مودة أو محبة تعين المؤمن على مهمته الإيمانية. فلو كان عند أحد من أهل الكتاب أو الملاحدة محبّة ومودّة تُعين المؤمن على أداء مهمته لما بقي هذا الإنسان على منهجه