والخَلَف أو الخَلْف أو الخليفة هو من يأتي بعد ذلك، ويقال: فلان خليفة فلان، ومن قبل قرأنا أن سيدنا موسى قال لسيدنا هارون:{اخلفني فِي قَوْمِي ... }[الأعراف: ١٤٢]
أي كن خليفة لي، إلا أنك حين تسمع «خَلْفُ» بسكون اللام، فاعلم أنه في الفساد، وإن سمعتها «خَلَفٌ» بفتح اللام فاعلم أنه في الخير، ولذلك حين تدعو لواحد تقول: اللهم اجعله خير خَلَف لخير سلف. وهنا يقول الحق:{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} . والحديث هنا عن أنهم هم الفاسدون والمفسدون، والشاعر يقول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خَلْفٍ كجلد الأجرب
الشاعر هنا يبكي موت الكرماء وأهل السماحة، فلم يعد أحد من الذين كان يعيش في رحاب كرمهم وسماحتهم؛ فقد ذهب الذين يُعاش في أكنافهم أي جوارهم؛ لأن هذا الجوار كان نعمة أيضاً. وحين يجاور رجل ضُيِّق وقُدِر عليه رزقه رجلاً طيباً عنده نعمة، فتنضح عليه نعمة الرجل الطيب. والشاعر هنا قال:«وبقيت في خَلْفٍ كجلد الأجرب» أي أن جلده قريب ولاصق لكنه جلد أجرب.
وعرفنا قصة «أبودلف» وكان رجلاً كريماً في بغداد. يعيش في نعمته كل الناس ومن يحتاج يعطيه. وطرأ طارئ على جار فقير له، وأراد أن يبيع داره، فعرض الدار للبيع، وسألوه عن الثمن الذي يرتضيه، فقال: داري بمائة دينار.