روى - في سبب نزول هذه الآية الكريمة: قال سعيد بن جُبير عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - لما نزل قوله تعالى:{مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} قالت اليهود: يا محمد افتقر ربك، فسأل عباده القرض؟ فأنزل الله {لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الذين قالوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ} .
والذين عايشوا الإسلام في المدينة كانوا من اليهود. واليهود كما نعرف كانوا يَدِلون ويفخرون على العالم بأنهم أهل كتاب وعلم ومعرفة، ويدلون على البيئة التي عاشوا فيها أنهم ملوك الاقتصاد كما يقولون الآن عن أنفسهم. كل من يريد شيئاً يأخذه من اليهود. وكانوا يبنون الحصون ويأتون بالأسلحة لتدل على القوة. وجاء الإسلام وأخذ منهم هذه السيادات كلها، ثم تمتعوا بمزايا الإسلام من محافظة على أموالهم وأمنهم وحياتهم.
أكان الإسلام يتركهم هكذا يتمتعون بما يتمتع به المسلمون أمناً واطمئناناً، وسلامة أبدان وسلامة أموال ثم لا يأخذ منهم شيئاً؟ لقد أخذ منهم الإسلام الجزية. فلم يكن من المقبول أن يدفع المسلم الزكاة ويجلس اليهود في المجتمع الإيماني دون أن يدفعوا تكلفة حمايتهم. ولذلك أرسل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سيدنا أبو بكر الصديق الى اليهود في المكان الذي يتدارسون فيه فعن ابن عباس قال: دخل ابو بكر الصديق بيت المدراس فوجد من يهود ناساً كثيرة قد اجتمعوا على رجل منهم يقال له فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر يقال: أشيع، فقال له أبو بكر: ويحك يا فنحاص، اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول الله من عند الله قد جاء بالحق من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل، فقال فنحاص: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من حاجة من فقر، إنه