الغرض من إرسال الحق للرسول هو أن يعلم الناس شرع الله المتمثل في المنهج، وأن يهديهم إلى دين الحق. والمنهج يحمل قواعد هي: افعل، ولا تفعل، وما لا يرد فيه «افعل ولا تفعل» من أمور الحياة فالإنسان حرّ في اختيار ما يلائمة. وأي رسول لا يأتي بتكليفات من ذاته، بل إن التكليفات تجيء بإذن الله. وهو لا يطاع إلا بإذن من الله. فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جاء بطاعة الله إلا إن يفوّض من الله في أمور أخرى، وقد فوّض الحق سبحانه رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقوله الحق:{وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا}[الحشر: ٧] .
فالمؤمنون برسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذن - عليهم طاعة الرسول في إطار ما فوّضه الله والله أذن له أن يشرع.
ويتابع الحق:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلموا أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فاستغفروا الله واستغفر لَهُمُ الرسول لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً} . وظلم النفس: أن تحقق لها شهوة عاجلة لتورثها شقاء دائماً. وظلم النفس أشقى أنواع الظلم، فمن المعقول أن يظلم الإنسان غيره، أما أن يظلم نفسه فليس معقولاً. وأي عاصٍ يترك واجباً تكليفياً ويقبل على أمرٍ منهي عنه، قد يظن في ظاهر الأمر أنه يحقق لنفسه متعة، بينما هو يظلم نفسه ظلماً قاسياً؛ فالذي يترك الصلاة ويتكاسل أو يشرب الخمر أو يرتكب أي معصية نقول له: أنت ظلمت نفسك؛ لأنك ظننت أنك تحقق لنفسك متعة بينما أورثتها