للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكأن إبراهيم عليه السلام يريد أنْ يَلفِتَ نظر عمه، ويؤكد له أنه في خطر عظيم يستوجب العذاب من الله، وهذا أمر يُحزِنه ولا يُرضيه، وكيف يترك عمه دون أنْ يأخذَ بيده؟ فقال له أولاً: {سَلاَمٌ عَلَيْكَ} [مريم: ٤٧] أي: سلام مني أنا، سلام أقابل به ما بدر منك فأمْري معك سلام، فلن أقابلَك بمثل ما قُلْت، ولن أُغلِظ لك، ولن ينالك مني أذىً، ولن أقول لك: أُفٍّ.

لكن السلام منِّي أنا لا يكفي، فلا بُدَّ أنْ يكونَ لك سلاماً أيضاً من الله تعالى؛ لأنك وقعت في أمر خطير لا يُغفر ويستوجب العذاب، وأخشى ألاّ يكونَ لك سلام من الله.

لذلك قال بعدها: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ ربي} [مريم: ٤٧] كأنه يعتذر عن قوله: {سَلاَمٌ عَلَيْكَ} [مريم: ٤٧] فأنا ما قُلْتُ لك: سلام عليك إلا وأنا أنوي أن أستغفرَ لك ربي، حتى يتمّ لك السلام إنْ رجعتَ عن عقيدتك في عبادة الأصنام، وهو بذلك يريد أنْ يُحنِّنه ويستميل قلبه.

ثم أخبر عن الاستغفار في المستقبل فلم يقُلْ استغفرتُ، بل {سَأَسْتَغْفِرُ} [مريم: ٤٧] يريد أنْ يُبرىء استغفاره لعمه من المجاملة والنفاق والخداع، وربما لو استغفرتُ لك الآن لظنِنتُ أنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>