وما يزال الحديث عن المنافقين، فبعد أن بيَّن الحق سبحانه وتعالى كيف حاول المنافقون الهروب من الحرب لأسباب وأعذار مختلقة، أراد سبحانه وتعالى أن يزيد الصورة توضيحياً في إظهار الكراهية التي تخفيها قلوب المنافقين بالنسبة للمؤمنين. وهنا يقول سبحانه:
{إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ} والمقصود بالحسنة هنا هيك الانتصار في الحرب، والنصر في الحرب هو من وجهة نظر المنافقين ينحصر في حصول المؤمنين على الغنائم، وهذه مسألة تسوء المنافقين وتحزنهم؛ لأن الهمّ الأول للمنافقين هو الدنيا، وهم يريدون الحصول على أكبر نصيب منها. وبما أنهم لم يخرجوا للجهاد والتمسوا الأعذار غير الصحيحة للهروب من الحرب؛ لذلك فهم يحزنون إذا انتصر المؤمنون؛ لأنهم حينئذ لن يكون لهم حق في الغنائم. وفي هذه الحالة يقولون: يا ليتنا كنا معهم؛ إذن لأصبْنَا الغنائم وأخذنا منها.