يعود السياق مرة أخرى لذِكْر آية كونية؛ لأن الحق تبارك وتعالى يراوح بين آية تطلب منهم شيئاً، وأخرى تلفتهم إلى قدرة الله وعظمته، وهذا يدل على مدى تعنتهم ولجاجتهم وعنادهم، وحرص الحق سبحانه وتعالى على لَفْتهم إليه، والأخْذ بأيديهم إلى ساحته تعالى.
ولو شاء سبحانه لَسرَد الآيات الكونية مرة واحدة، وآيات التكذيب مرة واحدة، ولكن يُزاوج سبحانه وتعالى بين هذه وهذه لتكون العبرة أنفذ إلى قلوب المؤمنين.
قلنا:{تَبَارَكَ}[الفرقان: ٦١] يعني: تنزّه، وعَلاّ قدره، وعَظُم خيره وبركته. والبروج: جمع بُرْج، وهو الحصن الحصين العالي الذي لا يقتحمه أحد، والآن يُطلقونها على المباني العالية يقولون: برج المعادي، برج النيل. . الخ، ومنه قوله تعالى:{والسمآء ذَاتِ البروج}[البروج: ١] .
والبروج: منازل في السماء يحسب الناسُ بها الأوقات، ويربطون بينها وبين الحظوظ، فترى الواحد منهم أول ما يفتح جريدة الصباح ينظر في باب «حظك اليوم» ، وقد دلَّتْ الآيات على أن هذه البروج جعلها الله لتُسهِّل على الناس أمور الحساب.
كما قال سبحانه:{الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ}[الرحمن: ٥] .
وقال تعالى:{والشمس والقمر حُسْبَاناً}[الأنعام: ٩٦] .