وبعد ان تحدث الحق سبحانه وتعالى عن المؤمنين وصفاتهم. . وجزائهم في الآخرة وما ينتظرهم من خير كبير. . اراد ان يعطينا تبارك وتعالى الصورة المقابلة وهم الكافرون. . وبين لنا ان الايمان جاء ليهيمن على الجميع يحقق لهم الخير في الدنيا والآخرة. . فلابد أن يكون هناك شر يحاربه الإيمان. . ولولا وجود هذا الشر. . أكان هناك ضرورة للايمان. . إن الانسان المؤمن يقي نفسه ومجتمعه وعالمه من شرور يأتي بها الكفر. . والكافرون قسمان. . قسم كفر بالله اولا ثم استمع الى كلام الله. . واستقبله بفطرته السليمة فاستجاب وآمن. . وصنف آخر مستفيد من الكفر ومن الطغيان ومن الظلم ومن اكل حقوق الناس وغير ذلك. . وهذا الصنف يعرف ان الايمان اذا جاء فانه سيسلبه جاها دنيويا ومكاسب يحققها ظلما وعدوانا. .
اذن الذين يقفون امام الايمان هم المستفيدون من الكفر. . ولكن ماذا عن الذين كانوا كفارا واستقبلوا دين الله استقبالا صحيحا. .
هؤلاء قد تتفتح قلوبهم فيؤمنون. والكفر معناه الستر. . ومعنى كَفَرَ (أي) سَتَرَ. . وكفر بالله أي ستر وجود الله جل جلاله. . والذي يستر لابد ان يستر موجودا، لأن الستر طارئ على الوجود. . والاصل في الكون هو الايمان بالله. . وجاء الكفار يحاولون ستر وجود الله. فكأن الأصل هو الايمان ثم طرأت الغفلة على الناس فستروا وجود الله سبحانه وتعالى. . ليبقوا على سلطانهم او سيطرتهم او استغلالهم او استعلائهم على غيرهم من البشر. .
ولفظ الكفر في ذاته يدل على ان الايمان سبق ثم بعد ذلك جاء الكفر. . كيف؟ . .