والهَمُّ هو حديث النفس بالشيء؛ إما أن يأتيه الإنسان أو لا يأتيه. ومن رحمة ربنا بخلْقه أن مَنْ هَمَّ بسيئة وحدَّثتْه نفسه أن يفعلها؛ ولم يفعلها كُتِبتْ له حسنة.
وقد جاءت العبارة هنا في أمر المراودة التي كانت منها، والامتناع الذي كان منه، واقتضى ذلك الأمر مفاعلة بين اثنين يصطرعان في شيء.
فأحد الاثنين امرأة العزيز يقول الله في حقها:
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ}[يوسف: ٢٤] .
وسبق أن أعلن لنا الحق سبحانه في الآية السابقة موقفها حين قالت:«هيت لك» وكذلك بيَّن موقف يوسف عليه السلام حين قال يوسف «معاذ الله» .
وهنا يبين لنا أن نفسه قد حدثته أيضاً؛ وتساوى في حديث النفس؛ لكن يوسف حدث له أن رأى برهان ربه.
ويكون فَهْمُنا للعبارة: ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها؛ لأننا نعلم أن «لولا» حرف امتناع لوجود؛ مثلما نقول: لولا زيد عندك لأتيتك.
ولقائل أن يقول: كيف غابت قضية الشرط في الإيجاد والامتناع عن الذين يقولون؛ إن الهم قد وُجِد منه؟