و «هدى الله» هنا أيضا هو هداية دلالة، وهداية معونة؛ بدليل أنه قال:{فَبِهُدَاهُمُ اقتده} والخطاب لسيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، لأن «أولاء» أي المشار إليهم هم المتقدمون، و «الكاف» خطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
{أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده} وحين نقرأ هذا القول الكريم نقول «اقتد» ولا نقول «اقتده» ولا تنطق الهاء إلا في الوقف ويسمونها «هاء السّكت» ، لكن إذا جاءت في الوصل لا ينطق بها، وكل واحد من هؤلاء الرسل السابق ذِكْرهم له خصلة تميز بها، وفيه قدر مشترك بين الجميع وهو إخلاص العبودية لله والإيمان بالله وأنّه واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، وكلهم مشتركون في هذه الأصول، وتميّز كل منهم بخصلة في الخير؛ فسيدنا سليمان وداود أخذا القدرة والسلطان والملك، وأيوب أخذ القدرة في الصبر على البلاء، ويوسف أخذ القدرة في الصبر والتفوق في الحُكم، وسيدنا يونس أخذ القدرة كضارع إلى الله وهو في بطن الحوت، وإسماعيل كان صادق الوعد.
والمطلوب إذن من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يكون مُقتدياً بهم جميعاً، أي أن يكون كسليمان وكداود وكإسحاق وكيعقوب وكأيوب وكيوسف وكيونس. وأن يأخذ خصلة التميز من كل واحد فيهم وأن يشترك معهم في القضية العامة وهي