ومادة «استغاث» تفيد طلب الغوث، مثل «استسقى» أي طلب السقيا، و «استفهم» أي طلب الفهم، و «الألف» و «السين» و «التاء» توجد للطلب. و «استغاث» أي طلب الغوث من قوى عنه قادر على الإغاثة، وأصلها من الغيث وهو المطر، فحين تجدب الأرض لعدم نزول المطر ولا يجدون المياه يقال: طلبنا الغوث، ولأن الماء هو أصل الحياة؛ لذلك استعمل في كل ما فيه غوث، وهو إبقاء الحياة، وفي حالة الحرب قد يفنى فيها المقاتلون؛ لذلك يطلبون الغوث من الله عَزَّ وَجَلَّ {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} .
و {تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} بضمير الجمع، كأنهم كلهم جميعاً يستغيثون في وقت واحد، وقد استغاث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين اصطف القوم وقال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره، ورفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يديه واستقبل القبلة وقال:«اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم ائتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض» .
ويدل قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أنه كان يستغيث بالخالق الذي وعد بالنصر، ورد القوم خلفه: آمين، لأن أي إنسان يؤمن على دعاء يقوله إمام أو قائد فهو بتأمينه هذا كأنما يدعو مثلما يقول الإمام أو القائد. فمن يقول:«آمين» يكون أحد الداعين بنفس الدعاء. والحق سبحانه وتعالى هو القائل: {وَقَالَ موسى رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الحياة الدنيا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطمس على أَمْوَالِهِمْ واشدد على