للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه العبارة {وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [الشعراء: ١٠٩] لم نسمعها على لسان إبراهيم عليه السلام، ولا على لسان موسى عليه السلام، فأول مَنْ قالها نوح عليه السلام، وكوْنك تقول لآخر: أنا لا أسألك أَجْراً على هذا العمل، فهذا يعني أنك تستحق أجراً على هذا العمل، وأنت غير زاهد في الأجر، إنما إنْ أخذته من المنتفع بعملك، فسوف يُقوِّمه لك بمقاييسه البشرية؛ لذلك من الأفضل أن تأخذ أجرك من الله.

فكأن نوحاً عليه السلام يقول: أنتم أيها البشر لا تستطيعون أن تُقوِّموا ما أقوم به من أجلكم؛ لأنني جئتكم بمنهج هداية يُسعِدكم في الدنيا، ويُنجيكم في الآخرة، وأنتم لن تٌقوِّموا هذا العمل، وأجري فيه على الله؛ لأنكم تُعطون على قَدْر إمكاناتكم وعلمكم.

وسبق إنْ حكيْنَا لكم قصة الرجل الذي قابلناه في الجزائر، وكان رجلاً تبدو عليه علامات الصلاح، وقد أشار لنا لنقف بسيارتنا ونحمله معنا، فلما توقفنا ليركب معنا مالَ إلى السائق، وقال (على كم) يعني: الأجرة فقال له الرجل، وكان المحافظ: نُوصلك لله، فقال (غَلِّتها يا شيخ) . نعم، إنْ كان الأجر على الله فهو غَالٍ.

وفي آية أخرى يقول تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} [الطور: ٤٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>