بعد أن أوضح لنا الحق سبحانه وتعالى أن الصبر والصلاة كبيرة إلا على كل من خشع قلبه لله. فهو يقبل عليهما بحب وإيمان ورغبة. أراد أن يعرفنا من هم الخاشعون. فقال جل جلاله:{الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ} .
ما هو الظن؟ سبق أن تحدثنا عن النسب. وقلنا هناك نسبة أنا جازم بها والواقع يصدقها. عندما أقول مثلا: محمد مجتهد. فإذا كان هناك شخص اسمه محمد ومجتهد. أكون قد جزمت بواقع. فهذه نسبة مجزوم بها بشرط أن أستطيع أن أدلل على صدق ما أقول. فإذا كنت جازما بالنسبة على صدق ما أقول. . فهذا تقليد. مثلما يقول ابنك البالغ من العمر ست سنوات مثلا: لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولكن عقله الصغير لا يستطيع أن يدلل على ذلك. وإنما هو يقلد أباه أو مدرسيه. .
فإذا كنت جازما بالشيء وهو ليس له وجود في الواقع. فهذا هو الجهل. والجاهل شر من الأمي. لأن الجاهل مؤمن بقضية لا واقع لها. ويدافع عنها. أما الأمي. . فهو لا يعلم. ومتى علم فإنه يؤمن. ولذلك لابد بالنسبة للجاهل أن تخرج الباطل من قلبه أولا. ليدخل الحق. وإذا كانت القضية غير مجزوم بها ومتساوية في النفي والوجود فإن ذلك يكون شكا. فإذا رجحت إحدى الكفتين على الأخرى يكون ذلك ظنا. والحق سبحانه وتعالى يقول:{الذين يَظُنُّونَ} ولم يقل: الذين تيقنوا أنهم ملاقوا ربهم. . لماذا لم يستخدم الحق تعالى لفظ اليقين وأبدله بالظن؟ لأن مجرد الظن أنك ملاق الله سبحانه وتعالى. . كاف أن يجعلك تلتزم بالمنهج. فما بالك إذا كنت متيقنا. فمجرد الظن يكفي.
وإذا أردنا أن نضرب لذلك مثلا ولله المثل الأعلى نقول: هب أنك سائر في طريق. وجاء شخص يخبرك أن هذا الطريق فيه لصوص وقطاع طرق.